وحدهم من يكافحون ويتحدون
يمنات
فكري قاسم
يقول السياسيون دائماً بأنهم بناة المجتمعات، وهذه بجاحة لا تحتمل، وخرط ما مثله خرط، ذلك أنه لا أحد يخرب المجتمعات غير السياسيين.
و السياسي ــ بالمناسبة ــ عادة ما يكون لئيماً، وحساباته لئيمة، وبطولاته التي يتحدث عنها عادة ما يكون وراءها الكثير من الخراب والدمار .. وهاتوا لي حزباً سياسياً واحداً يستطيع إقناع الشارع اليمني بأنه يعمل على إسعاد الجماهير وإدخال الفرح إلى قلوب الناس؟ لا يوجد طبعاً، وكل الذي لدينا في اليمن الآن مجرد أحزاب رتيبة وكئيبة وتتنافس مع بعضها بالقوة مش بالسياسة، بحافز من يبطح الآخر أكثر دون أن يكون في بالهم أن هناك شعب تعبان ومشتاق لشهقة فرح.
و أما إذا تكلمنا عن أبطال اليمن الحقيقيين في هذه الظروف الصعبة والحرجة من تاريخنا، فإنك لن تجد سياسياً واحداً يستحق أن يسموه بطلاً، وأبطال اليمن الحقيقيين هم، بكل صراحة وصدق واعتزاز، المنتخب الوطني الأول لكرة القدم ومنتخب الشباب ومنتخب الناشئين.
وحدهم نجوم الكرة اليمنية من يكافحون ويتحدون كل الظروف والصعوبات لإدخال البهجة والفرح إلى قلوب أبناء شعبهم اليمني الكسير من الداخل. ويكفي أن تلعب أي من تلك المنتخبات لتشاهد الجماهير اليمنية في المدرجات وهي تنط إلى الدنيا وترقص وتهتف بصوت واحد «بالروح بالدم نفديك يا يمن».
ومن دون أن يلعب المنتخب اليمني تختفي هتافات الحب الصادق والحميم للبلاد التي تقاسمها الجن وتناتف ريشها العفاريت، وأصبحت بين الأمم مجرد دولة سيئة الحضور والصيت.
السياسيون جعلونا أشتاتاً وجماعات تتقاتل فيما بينها بلا هدف وبلا جدوى وبلا خطط واضحة لإسعاد الناس، على عكس لاعبي المنتخبات اليمنية، فهم شبان يافعون يتنقلون بعلم اليمن الموحد من بر إلى بر، ومن بحر إلى آخر، ومن مطار إلى مطار، في سبيل الوصول به إلى المحافل الدولية وخوض المنافسات من أجل إسعاد جماهيرهم الوفية ورفع راية بلادهم عالياً.
ومنذ بدء الحرب الملعونة والسياسيون اليمنيون المختلفون حول الكعكة يتنقلون بكل أريحية وسلاسة بين جنيف ومسقط والكويت وغيرها من بلدان العالم، لخوض جولات التفاوض العقيمة، وحافز كل فريق منهم أن يهزم الآخر ويعود إلى البلد وقد حقق النجاح لأجنداته الخاصة، بينما تخوض منتخباتنا الوطنية جولاتها الرياضية مع الفرق المتنافسة ولديها هدف واحد ووحيد: إنتصار اليمن.
واللي تابع خلال الشهرين الفائتين مباريات منتخبات الكرة اليمنية لكل الفئات يشعر بالزهو والفخر ويسمع أسماء اللاعبين من كل الأندية وكل محافظات اليمن، لا هذا شمالي ولا هذا جنوبي. ولا هذا اللاعب حوثي وذياك مدري ما هوه، يشعر بالفخر والزهو أن شبان اليمن أكبر من تفاهات السياسيين الكبار.
وعلى الرغم من كل الظروف القاسية والامكانات الشحيحة، إلا أن منتخباتنا الوطنية تعزف في ملاعب المنافسات الخارجية سمفونيات يمنية غاية في الروعة، فيما أداء السياسيين يظهر باستمرار ككومة زبالة!
لقد تطور أداء منتخباتنا الوطنية خلال الثلاث سنوات الفائتة بشكل لافت وملحوظ، ليس لأن وراءهم دولة تهتم بهم وتدعم أنشطتهم. فلا يوجد في اليمن خلال هذه سنين الحرب حتى دوري نشط، وكل تفوق وراءه شبان يمتلكون المهارة وينبتون في الملاعب تماماً مثلما ينبت الصبار في الصحراء، ولكنهم وعلى الرغم من كل ذلك يحققون إنجازات كروية مشرفة.
وهذا طبعاً على عكس أداء منتخب الساسة اليمني الذين تتوفر لهم كل الامكانات، ويسلط العالم بأكمله الأضواء عليهم، وتخاطبهم الأمم باعتبارهم نخبة وصفوة اليمنيين، في حين إنهم، في الأساس، مجرد كائنات تفتقر إلى مهارة السياسي وإلى نبل وأخلاق الإنسان.
المصدر: العربي
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا